مفهوم السعادة
تختلف السعاده كمفهوم بين البشر فنرى أناساً يبحثون عنها في جلب المال والثراء المفرط وعدم المسؤولية والانشغال في الملذات والهوى والسفر واستباحة المحرمات.
ونرى آخرين يرونها في مفهوم آخر حيث يجدونها في المواقع والمناصب والكراسي حسب مفهوم هذه الأيام.
وهذا النوع من السعاده يسير مع الانسان حيث دارت حياته فيعيش فيها في جميع شجون حياته ويراها أمامه حيث دار حتى أنها ترافقه الى مقره الاخير حيث يظل عبداًَ لها لاهثاً خلفها جاهداً في تحقيقها كالذي يمشي خلف سراب عاجزاً عن معرفة حقيقته أنه يعيش في هذا السراب فهذا المفهوم خيال بخيال فتراه يعيش القلق والاضطراب النفسي والشخصي في هذا الوهن فيصاب بما يعرف اليوم بالارق والانفصام الذي هو داء العصر ان الوهم والوهن والارق والسراب ايها الاخوة جنود من جنود الله سلطها على من يشاء من عباده " ولله جنود السموات والارض وكان الله عزيزاً حكيما".
سئل الامام علي كرم الله وجهه : " من أشد جند الله قال : الجبال! والجبال يقطعها الحديد أقوى والنار تذيب الحديد: فالنار أقوى والماء يطفىء النار فالماء أقوى والسحاب يحمل الماء فالسحاب أقوى والريح تعبث بالسحاب فالريح أقوى والانسان يتكفأ الريح بيده فالانسان أقوى والنوم يغلب الانسان فالنوم أقوى والهم يغلب النوم فأقوى جند الله الهم يسلطه الله على من يشاء من عباده.
فمفهوم المخالفة لما ذكرنا أيها الاخوة ان السعاده والطمأنينة هبه ومنحه من الله كما ان الهم والحزن والقلق وهما مخلوقان لله يودعهما المولى في من يشاء من عباده وتتنازعها الانفس على الرغم من الفارق بينهما وهنا اذكر فائدة لفتت نظري وانتباهي في واقعه ذكرت في القرآن الكريم في غزوه أحد حيث القى الله النعاس والنوم على صحابه رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقت كانت النفوس فيه شاخصة قبل المعركة والاعصاب متشجنة حيث قال سبحانه " ثم انزل عليكم من بعد الغم أمنةً نعاساً يغشى طائفة منكم" عبّر المولى عن النعاس بالامن الذي نزل على نفوس الصحابة رضي الله عنهم وفي ذات الواقعة ذكر حال غير المسلمين حيث قال فيهم" وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظنّ الجاهليه يقولون هل لنا من الامر شيء" صوره عن القلق والوحشه والخوف من الانفس وشك وريبه وشتان ما بين الحالتين أمن من الله على المؤمنين وخوفُ وريبٌ في نفوس المشركين من الذي تقدم ونقول : إن السعاده وهم يعيشه كثير من الناس في خيالهم وسرابهم أغفلهم ذلك عن حقيقتها التي هي في اتباع اوامر الله سبحانه سبحانه والعمل الصالح واجبار النفس على المكاره وتحمل المشاق وتوطينها على البلاء والشدائد وتعريفها على حقيقه العبودية لله تعالى والانصياع له سبحانه والتذلل بين يديه فالنعمه الكبرى والسعاده الكبرى ان يكون المرء عبداً لله سبحانه وتعالى وفي هذا يقول نبينا عليه الصلاه والسلام " من سعاده ابن آدم رضاه بما قضى الله ومن شقاوة ابن ادم سخطه بما قضى الله ".
وأختم بمقاله للفاروق عمر بن الخطاب اوصى بها وليه الصحابي او موسى الاشعري حيث قال له " ان الخير كله في الرضى إن إستطعت أن ترض وإلا فاصبر"
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين بقلم القاضي
الشيخ عبد الرحمن مغربي
إن الأفكار والآراء الواردة في المقال لا تعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبها |